الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

الأغنية "السياسية" في موريتانيا.. "اللحن المفكك"!.. ( ح3 )




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتب : الراجل بن عمر


الأغنية بحث عن الهوية!..

بالنسبة للنموذج الموريتاني تعتبر بداية التسعينات هي مرحلة تألق نجم المعارضة، بل وحتى ظهورها على المسرح السياسي لانتخابات  1992م، وبداية المشوار الديمقراطي الذي شل تماسك حزب الشعب بوصفه أول مدرسة سياسية هيمنت على المشهد السياسي الموريتاني طوال الحقبة الفارطة.
هذا ويمثل حضور الأغنية السياسية الموريتانية حدثا جديدا بكل الأعراف والمقاييس السياسية لبلورتها نوعا من الدعابة السياسية للنظام القائم، خاصة قبل الاكتواء بلهيب نفس النظام السياسي.
فيما شكلت المراحل اللاحقة لتوجهات ومضامين هذه الأغنية نبرة أكثر حماسة لتمجيد الخطاب المعارض وللتغني بقيمه ومنطلقاته التي تشكل ثوابت سياسية وقيم حضارية أصبح النظام القائم أكثر تنكرا لها بل ومعاديا لها بسبب شيوعية موضة المعارضة.



لقد شكلت مرحلة معاوية ولد الطايع أهم بدايات النضج السياسي الذي استفادت منه تجربة المعارضة الحديثة والوليدة على الساحة السياسية، هذا في وقت كانت الأغنية الوطنية تنشد لتمجيد شخص الرئيس معاوية كقيمة سياسية سامية سواء من خلال أغنية "معاوي من مثله سيد؟" للفنانة الكبيرة ديمي منت آبه أو "أغنية الكتاب" ذات المغازي التمجيدية المقنعة بالحماس السياسي؛ حيث شكلت هذه المرحلة أول تقاطع بين الأغنية السياسية ممثلة في فريق من كبار الفنانين عديمي التصنيف و"رائدة الأغنية السياسية" المعارضة الفنانة : المعلومة بنت الميداح،..
هذا في الوقت الذي اعتادت هذه الأخيرة مقاطعة كل عملي موسيقي تربطه أية صلة بالنظام السياسي الذي تشددت في مناهضته.
وقد تجلت الأغنية السياسية الحديثة في مجموعة طلعات موسيقية اتسمت بنوع من الواقعية والموضوعية أحيانا.. فكرست الفنانة المعلومة ـ كأحد أنشط وأبرز المؤسسين لهذا الاتجاه ـ جهودها لإعادة الاعتبار للخطاب السياسي الذي يتبناه حزبها السياسي كأحد أكبر أحزاب المعارضة السياسية في موريتانيا ( حزب تكتل القوى الديمقراطية ) من خلال إفرادها أسطوانات خاصة للدعاية لهذا الحزب رغم التزاماتها الفنية الكثيرة كفنانة دولة تصر على العناية بحضورها الدولي فخرجت بأغان عديدة وممجدة حتى لشخص زعيم المعارضة أحمد ولد داداه؛ كما في أغنية "كيفك يا أمحمد؟" وأغنية "تكتل قوى الديمقراطية.." إلى غيرها من الإسهامات الموسيقية التي شكلت أرضية دعائية لخطابه السياسي وكذا لتوفير مكتبة صوتية حصرية على الحزب المعارض.



هذا إضافة إلى حركات موسيقية تميزت بنوع من الحدة في إطار تبنيها لروح الأغنية السياسية دون أن يفهم من خلال ذلك تبعية لأي اتجاه سياسي مهما كانت طبيعته.
في هذا السياق تشكل "فرقة أولاد لبلاد" أحد النماذج الحية على ذلك ويتجسد هذا الخطاب السياسي الشديد اللهجة في إحدى إصدارات هذه الفرقة شملت أسطوانة حملت عنوان "الانقلاب" كإدانة صريحة للنظام السياسي الحاكم حيث تدور أحداث أبرز مقاطعه الصوتية بشكل أدراماتيكي حاد النبرة ومليء بالتهكم السياسي، خاصة في الكلمات : "الانقلاب نوع من لرهاب!... نوع من الاغتصاب.. نوع من!..
إضافة إلى إشارات فاضحة لبعض المغالطات السياسية التي تحسب على النظام ذو المؤخرة العسكرية.


الأغنية.. أحزاب أعلنت إفلاسها..




في الحملة الانتخابية يمارس المتنافسون ما يطلق عليه البعض "الدعارة السياسية" وتكون الأغنية السياسية في أوج تداولها الدعائي، حيث تتبجح هذه الأخيرة في مختلف الاتجاهات السياسية دافعها نيل ثقة الناخبين مستفيدة من مختلف الرتوش فنية وغير فنية..!،
للنفوذ إلى الأقطاب العميقة للدولة؛ وهو ما يعبر عنه البعض بعبارة "الحملة من حملة النفوذ".
هذا في وقت يبقى غياب مرتكزات وثوابت وطنية للأغنية السياسية ـ التي ينبغي أن تعبر عن معاني الحب للوطن والوفاء للأرض وللكرامة وللشعب نوعا من السخرية والكذب السياسي الذي لن يكون إلا مقدمة لإفلاس سياسي قد لا يصمد حتى أمام نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعندها يحتم علينا التساؤل؛ هل تظل "الأغنية السياسية الموريتانية" أسيرة غايات آنية، دون أن تجد لنفسها منفذا إلى قيم حضارية جديدة تناهض القيم الرجعية السائدة؟.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق