الاثنين، 14 أكتوبر 2013

الأغنية "السياسية" في موريتانيا.. "اللحن المفكك"!.. ( ح2 )


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتب الراجل بن عمر.


الأغنية الوطنية.. الدافع والغرض..

كان من المفترض أن تشكل الأغنية الوطنية إطارا فنيا لتكريس المكتسبات الوطنية ولزيادة الشعور بالانتماء لدى المواطنين، خاصة بعد مرحلة الاستقلال وقيام الدولة الوطنية. إلا أن التفكير الوطني لم يكن حماسيا بهذا الإتجاة، حيث لما تزل هناك بعض الأورام الاجتماعية و الإثنية؛.. التي دخلت أخيرا على خط التوتر في ظل تزايد مستوى الوعي لدى بعض النخب اليسارية مدفوعة بفلسفات التغير التي أخذت تتقد على مقربة من جوارنا الإفريقي.

وعندها لم تأتي تجربة الأغنية الوطنية لتحقيق أغراضها الطبيعية بل لغاية تمجيد الشيخ والقائد والزعيم والرئيس إلى غيرها من رموز النفوذ التي كانت حينها مرعوبة الجانب.إشترك في صياغة وتنفيذ سيناريو هات هذه المرحلة فنانين عدة تألقوا حين تأقلموا مع مختلف مواسم الانتجاع السياسي؛ وظلوا يجددون قسيمة الاشتراك مع مختلف الأنظمة السياسية الفاسدة.شملت أغراض الأغنية الوطنية التعريف ببعض الرموز الوطنية مثل بعض الأمجاد التي تعود ملكيتها لبعض من الأوائل؛ وكذا رموز العلم الوطني وبعض المواقع التي تعبر عن الهوية الموريتانية مع إشارة إلى الدور الريادي لمؤسس الدولة الموريتانية؛ خاصة في السياق الدولي العربي والإفريقي.لقد كانت الأغنية الوطنية منهمكة في إعادة صياغة التعريف الملائكي للشخص الحاكم؛ ولم يكن القوام الوطني حاضرا في ذهن النص الموسيقي بالمستوى اللائق، ولم يكن النشيد الوطني؛ إلا جزاء من نكبة الهوية.لقد كان النشيد الوطني كأحد أكبر الرموز الوطنية غائبا عن روح المناسبة التاريخية لنشأة الدولة الموريتانية بكل عبق التاريخ وتألق الإنسان.



ورغم تطوير عملية التلحين لهذا "الرمز" الوطني ( النشيد )، إلا أنه ظل في سياق دلالي خارج عن كل الأعراف العالمية فيما يتعلق بصياغة المفهوم الدلالي "للنشيد الوطني".فالنشيد الوطني؛ رغم التطوير لا يعدو "وصية" بجملة من القيم لا تمت بصلة لنشوة الشعور الجماعي؛ ما جعلها عملا فنيا وموسيقيا تنقصه خاصية التماسك من حيث الرقي الفني، فيما تكمن معضلته في عدم عراقته بأي شكل من الأشكال الفنية المعتادة، كنتاج منطقي لحدث أو لحظة تاريخية ذات حظ من الشراكة الجمعية؛ مشحونة بنبرات الاعتزاز الجمعي ومغمورة بعبق التاريخ المصنوع شراكة..وبذلك لا يكون من الغرابة أن تكون الأغنية الوطنية أقل حظا من النشيد الوطني في حضورها الدلالي والحضاري كقيمة وطنية مضافة إلى مجموعة من القيم التي تظل شيئا مخلدا ضمن المخيلة الوطنية ذات النزوع للفردية.وقد عرفت مسيرة الأغنية الوطنية حالة من التطور الشكلي حين حاولت في حالات شاذة إبراز نماذج من شبه الالتزام الذي أخذ طابعا شموليا في مرحلة أولية مما سمح ببروز أجيال جديدة جعلت من سوء الأوضاع الاجتماعية إحدى مواضيعها الأساسية، وخاصة من فيئه الشباب من أبناء الطبقات الفقيرة والمهمشة انطلاقا من خطابهم الفني ذي اللبوس الوطني الثائر.



الأغنية السياسية.. دعاية أم دعابة؟..

لتلميع خطاب سياسي معين، يتطلب الأمر احتواء فنان متألق سبق له أن كسر أرقاما قياسية في إطار كسب ثقة الجماهير، لتكون مهمة الدعاية عملية روتينية معادة تسهم بشكل أو بآخر في دفع ذلك الخطاب السياسي للجماهير من باب ملئ الفراغ.فالأغنية السياسية تعبر عن قضية معينة أشه بوجهة نظر عامة؛ وهي أقل شمولا من الأغنية الوطنية التي توجه أساسا للتعبير عن القضايا والمواقف الوطنية التي تكرس وجهة الممسك بزمام الحكم؛ والمتحفز دوما لصدام المعارضة المناوئة بوصفها خلفية مستترة للأغنية السياسية في موريتانيا؛ حيث لا يخلو الأمر من نوع من احتكار المرجعية. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(... يتواصل )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق