الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

الأغنية "السياسية" في موريتانيا.. "اللحن المفكك"!.. ( ح1 )



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتب الرجل بن عمر.

 ربما لم ندرس مصلح 
"الأغنية السياسية" في كتب التاريخ والموسيقى؛ ولكنها مصطلح سياسي فني من الناحية الاستعراضية؛ وهو جزء من الانتماء السياسي الذي يأخذ أحيانا لبوسا وطنيا يضفي حيزا من القداسة على تلك الحالة الفنية المعقدة شيئا ما والمفعمة بأحاسيس معينة!..
الحديث عن الأغنية السياسية في موريتانيا، هو حديث مليء بالمطبات كما الخطاب السياسي؛ الذي يتم ترويضه على اللحن!..
 السياق والسرد.. يوقعان بنا وسط حالة سياسية غير مصنفة ونظام سياسي تحاصره العقد والإكراهات الديمقراطية.. وغيرها من فواصل المشهد الملتهب والحساس، لكن ما حدود سياقات الأغنية السياسية إلى جانب الرهانات الوطنية؟.
وما هي أرضية تشكل هذين اللونيين ضمن الأدبيات السياسية؛ خاصة إذا وضعنا في الاعتبار جدلية الانتماء التي تغذيها الأغنية الوطنية؟.
وهل هناك مجالات للصراح بين الخطابين؛ حين يتعلق الأمر بالرموز والألوان الوطنية؛ التي تزداد رواجا أثناء مواسم التهافت السياسي؟.

الأغنية لون..
تمثل الأغنية بانورما معقدة من المؤثرات الحسية والمادية وهي فن موسيقي له نكهة تجتذب الحاسة البشرية، وتدخلها موجات السرور ذات الطبائع المختلفة، كما أنها حدث إبداعي تتكامل في سبيله جهود كل من الكتاب والمؤلفين والمغنين والمخرجين والموزعين الفنين.. لصناعة عمل فني يرقي لمستوى خلود الوطن والأفراد.
ويفترض بلوغ هذه المثالية بأقصى ما يمكن وفي أجواء تملؤها البراءة والاعتزاز البشري الخالي من الرتوش والمموهات؛ حيث لا تخلو جمالية الموسيقى من رسالة وإن بإكراه؟.


وتستمد الأغنية الموريتانية القديمة جذورها وأرضيتها من عاطفة الصحراء الهوجاء؛ حيث لم تكن ثمة ثوابت بعينها للتغني بها نزوعا للخلود عدى بعض التمجيدات القبلية والجهوية الضاربة في الشخصنة والتعالي؛ وذلك كجزء من ضبابية الهوية الوطنية؛ التي حاول المستعمر الفرنسي أن يصوغها وفق مقاسه التوسعي؛ غير المتصالح مع المقوم الثقافي والحضاري للأمة الموريتانية المفككة اللحن والثقافة.. والتاريخ!..




رحلة شاقة إلى وطن..!
تحتاج الأغنية الوطنية إلى بعض المحفزات الضرورية لتوفير وقود حقيقي يدفع وتيرة الغرض الفني لصياغة مواضع تصلح للعمل الموسيقي الموجه والقابل للشراكة الوطنية.
ولكن؛ هل توفر ذلك في ظل نشأة الأغنية الوطنية الموريتانية؟،
الجواب على هذا السؤال : الوجودي في التاريخ الموريتاني يتطلب قراءة واقعية في حقيقة الدور الوطني الذي راهنت عليه الدولة الموريتانية في طريقها لتدعيم أسباب وجودها التي رست على ما هو أشبه بوثيقة تفاهم غير معلنة الأجندة مما يضعنا أمام إنجاز حضاري وطني بحاجة لإثباتات وبراهين ميدانية لإثبات بصمته في كتابة ميثاق الحرية والسوية الوطنية.
ورغم أهمية ذلك الميثاق الوطني العرفي؛ إلا أن التعامل الأدبي مع مختلف تلك التوترات بغض النظر عن تفاصيلها المفزعة أحيانا يبقى مؤشرا حيا على رحلة الشقاء التي خاضها الآباء القدامى بحثا عن وطن من نوع ما ووفق مقاسات لا تزال تواجه مزيدا من العثرات والصراع الطبقي المحتدم.
لقد كانت حاسة الانتماء ضعيفة بل وموجوعة بسبب الفوضى الأميرية التي كانت طاغية بشكل كبير والتي لم تكن بمعزل عن خدمة أجندة المستعمر بوعي أم بدون وعي، إذ لم يكن هناك أي مشروع وطني يلتزم بقضية معينة تجتذب التأييد أم التفنيد..!،
لقد كانت الحالة السياسية ينتابها نوع من الفراغ في ظل غياب مرجعية حقيقية تمثل ذريعة لتضافر الجهود في حق قداسة مجد معين، ما تسبب في حالات من اللامبالاة وتراخي نزعة البناء ما عجل بفراغ سياسي قاتل استنزف كل المقدرات الحضارية والاجتماعية والإنسانية للبلد وسط الحط من كرامة الإنسان الذي لم يرقى لمرتبة الوطنية حينها بفعل التمايز وبيروقراطية الخانقة.
من رحم هذه الحالة؛ كان ميلاد "دولة الفن" الأولى في التاريخ الموريتاني الحديث؛ فكان لها السبق في وضع أساسات الأغنية الموريتانية؛ فخرجت مؤسسات عائلية كمؤسسة "أهل الميداح"، "أهل عوه"، "أهل تسيت"..
ورغم أنها لم تسلم من طابع التمجيد الذي طغى عليها، إلا أنها ظلت جزءا مهما من التراث الموريتاني الذي يعبر عن حقبة معينة من التاريخ الموريتاني وما صاحب ذلك من طوابع نفعية نتيجة الأغراض المديحية الصرفة؛ التي شكلت أهم الأغراض الموسيقية حينها.
ومنذ اللحظة الأولى لولادة الأغنية الموريتانية وحتى ما بعد هذه المرحلة، ظلت الأغنية تلتزم نفس اللحن إلى جانب محاولات التطوير التي لم تبرح إرهاصات البداية..( يتواصل. )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق